الاثنين، 25 يوليو 2016

30.6.16

وتحققّ الحُلم! نعم! تحقّق أخيرًا، وبعد طول انتظار.
   
مُنذ نعومة أظافري -والتي لا تَزالُ ناعمة- وأنا أُجيب على سؤال «شنو تبين تصيرين لما تكبرين؟» بـ«دكتورة!»، هذا قَبل أن بدأتُ أُفضّل لفظ «طبيبة»، وبلا أدنىٰ تردّد، ولا شَك، ولا خَوف، إما طبيبة، أو لا شَيء.
كنتُ -ولا أزال- أُقدسّ الخطط البَديلة، إن لَم ينفع هٰذا فَهُناك دومًا ذاك! لٰكن، لم أجد لك بديلًا يا حُلمي! 

عِندما هَممتُ أن أُدخل رَغباتي في طَلب الالتحاق للجامِعة، الرغبة الأولىٰ «كلية الطب» ثم أصبح رأسي فارِغًا وفاهِي فاغرًا! هَممت أضع الرّغباتَ أسفَل الأولىٰ بعشوائية، لَم أحبّ غَير الطبّ، ولم أرغب بغير الطب، ولا أريد غيرهُ حياةً ومِهنة، وعَطاء!

بدوتُ واثِقة عندما كنت أكتبُ «د.حصّه» أو «Dr.hissa» على كُل ورَقة تَقع عينيّ عليها، كُل أحلامي تُخترل في الدّال تِلك! 

أعلمُ أنّ بُنيتي ضَعيفة لِلغاية، يَدي صَغيرةٌ جدًا ربّما لا أجد مُستقبلًا قُفازًا لها، طولي يكادُ لا يُرىٰ ويتعدّاه طلبة الابتدائية، عوائقٌ شكليّة عديدة، ونَقد ممّن حَولي كثير، فهَل أنثني؟. 

مَخاوِف كثيرة، إنهنّ سبعُ سنوات! سبع! هَل سأجتازُهم جميعًا بلا فَشل؟ هَل سأصِل لخطّ النّهاية بنفسِ الهمّة هذهِ؟
همّة، همّة عاليَة ياربّ، أقفز بِها عَن كلّ سور، وأعدو بها عن كلّ خَوف، وأتنفّسُ بها عَن كل اختناق.

أعلَمُ أن القَادم صَعب، لٰكن عدم تَحقيقِ هذا الحُلم -حَتمًا- أصعَب، فلَم أُخلق لغيرهِ.
ولَن أُحلّق لدونِه! 

أغمِضُ عينيّ، لأتخيّل صورةً لي، أرتديتُ الـ«سكرب»، ومعطفي الأبيض، وزَيّنتُ رَقبتي بسمّاعة، أجولُ في مشفىٰ وأركضُ في أروِقَتِه.

أنا الآنَ كطيرٍ، يُحلقُ بتيهٍ ولَهفة، يختَرقُ سحابةً تلوَ أُخرى، ينتظرُ أن يَصل إلى ما لَم يصل به مَن قبله.

حُلمي الصّغيرُ وَليدي، ستَغدو كبيرًا يومًا -بإذن الله-.

Medicine is only for those who can't imagine doing anything else.


تدوينة للذكرى كي لا أنسى يوم وَصلني قُبول الجامعة-كليّة الطب ٣٠/٦/٢٠١٦.

حصّه
السّبت، ٢يوليو٢٠١٦.
٣:٢٢م.

وَداعًا، يَا ضَعيف!

غارِقة في الدّموعِ، والنّياح. أتمنى الخلاص والحُرية، أريدُ التي عَهدتها، أريدُ حياتي التّي أحببتُها.

أعلمُ أنّ الحياةَ مُتقلبة، ولٰكن، ما بالُ هٰذا التقلّب الجبّار؟ الذّي كسّر كُل بيوتِ سَعادَتي كطوفانٍ أخرسٍ سِوىٰ عَن كلّ ما يُنزل دُموعي! 

أردتُ الخلاص، فاتخذتُ الهُروب طريقًا، أريد الخلاص، اعتقني يا قَدري، ولا تَلمني كثيرًا. 

تصنّعتُ القوّة، في حينِ لم يكن فِي قَلبي سِوى كلّ ضعفٍ وخَور، كلّ تَعب ومَرض، كُل خَوفٍ وفَزع.

ربِّ، أنتَ تَعلم! وَحدكَ يا الله تَعلم! تَعلمُ أن قَلبي أُنهك طويلًا، وأن نَفسي توقّف مُنذ أشهر، حتّىٰ مُتّ وتَحلّلت أحشائي، سوى قَلبي الضّعيف، مَازالَ يَنبُضُ حُزنًا، قَلبي المرِيض، مازالَ ينبُضُ ألمًا، قَلبي الخائِب، مازالَ ينبُضُ حَسرةً، ومازالَ يتصنّع القُوة، والحَماقَة المُسماة «إيجابيّة».

كفاكَ تَصنّعًا! كفاكَ نُفاقًا! كفاكَ تمثيلًا، لَم يَعد لكَ دورٌ فِي مَسرَحيّة الحَياة، بَعد أن فَشلتَ فِي كُل اختباراتِها وتجارُب الأداء الخَاصّة بِها، فَشلتَ فشلًا ذريعًا، فانظُر إليكَ هاويًا مِن شُرفات الجِنة إلى أعماقِ الجَحيم

وَداعًا يَا ضَعيف، وَداعًا يا قَلبي، مُتّ أنتَ فَمن لي؟.
مُتّ يا قَلبي، فغَدوتُ الآن  هائمة بلا هُدًى، عَن كُلّ ما يُذّكرني بما أمَاتك، بما قَتلك، وبما هَوىٰ بِكَ إلى أعماقِ الجَحيم.
وَداعًا، يَا قلبيَ ضَعيف!


حصّه.
الخَميس،٢٣يونيو٢٠١٦.
٥:٣٦ص.