السبت، 20 أبريل 2019

هذه الليلة، مرحىٰ للنجوم.


الليلةُ أنا وَحـديهذهِ المرّة لا أقومُ بعدّ النُجوم، ولا حتىٰ الذّكرياتالليلة أنا وَحـدي، وَحـدي  فقطبكلّ ما تحملهُ كلمةُ "وحـدةمن معنى، وكل ما تحملهُ الياء مِن ملكيّةملكيّة الأثقال التي تجرّني تحتًا، التي تجرّني جحيمًا، والتي تثبتني في مكاني.. بلا مضيّ

الليلة أنا وَحـديأنا لا أعد النجوم، ولا الذكرياتأخبرتكالليلة  أنا وَحـدي بكلّ ما تحملهُ    الكلمة من معنى، وَحـدي بكلّ وضوحٍ، وبكلّ ألمْبكل العبرات الخانقة والدموع المغرقةبكل الأغطية الدافئة ورياح القدر الباردة، بكل الوسائد المريحة والكسور المؤلمة.

هذه الليلة أنا وَحـديلا أعد النجوم، ولا الذكريات، ولا.. هل نسيتَ بالفعل؟ أني وحديهذه   ليلة من ليالٍ كثيرة أتوقف بها عن تمني رفقةأتوقف فيها عن الرغبة بالأنس والألفة، لأن    ما زال هناك الكثير لأألفه في نفسي الجديدة، الهزيلة، المهترئة، المحترقة، المهزومة،   وأصادقهلديّ الكثير لأراع منه وأطمئنه. لديّ الكثير لأصمد تجاهه والكثير لأستسلم أمامه

هذه الليلة قريبة من الدرجة الأولى للثقب الأسود، تبتلع من الهموم الكثير ولا تشبعقريبة من  براكين هاواي، تتفجر حممًا كثيرة، ولا تنفدهذه الليلة أختٌ لكل حريق اندلع، وكل حربٍ    تفجرت، وكل بستان تآكل، وكل سفينة غرقت، وكل طائرة هوَتوكل رواية مات صاحبها قبل أن ينهيها، وكل كل فيلمٍ اختلفت فرقته قبل انهاء موسيقاه وتفرقت، وكلّ سنّ سقط ولم يُستبدل بآخر، وكل كوبٍ  مفضلٍ انكسر، وكل رَقصة لا يستمتعُ بها أحد.

في هذه الليلة أنا وَحـدي، لا أعدّ النجوم، ولا الذكريات.. هذه الليلة إعصارٌ من بعض  الأعاصيرِ التي نَجوت منهاالأعاصيرُ التي أعتصرَت قلبي، وعقلي، ووجودي، وكياني،   وكل ما جعلني أناالأعاصيرُ التي هدمت مملكتي، وومتلكاتي.
الأعاصيرُ التي كان عصيرها كوكتيلًا فاخرًا من الخسارات، التضحيات التي لا ثواب لها،  المآسي التي لم يقف عندها الزمن، الجروح التي لم تضمّد فعَفنت، الكسور التي لم تُجبر فتشوهت.. والخجل والعار اللذان لا تكفّ نظرات شفقتك التسلل إليهم. كوكتيلًا من طراز الذي يتجرّعه بائسٌ مشرّدٌ في حانة لأنه لا يملك ليشتري أفضل منهمجبرٌ مغصوب، مشمئزٌ،   ساخط، حزينوحيد.

الأعاصيرُ التي دارَت بي من أسفلها حتى أعلاها، من أحقر قطرٍ منها حتى أعظمها،  الأعاصير التي لم تنتهِ، لكنها أنهتنيأو أنهت على الأقل ما كنت أحاول يائسةً إنقاذه.


هذه الليلة.. أنا وَحـديالآن أقوم بعد النجومِ، وحتى الذكرياتِ، لأن عدّ ما فات كان متعبًا أكثر من المتوقع.. مُرهقًا أكثر من اللازم..  أكثر من تعب العيش به وتحمّله، ومجاراته..

 لا بَأس بالنجومهذه الليلة، مرحىٰ للنجوم.



حصّه, بعد انقطاع.
الأحد ٢١أبريل/نيسان٢٠١٩م
٢:٤٧ص